الأولىمنوعات

التازوطا .. بناءات فريدة تزخر بها منظقة دكالة

تحتضن أرض دكالة مجموعة من البناءات الفريدة من نوعها من حيث الشكل وطريقة البناء تعرف بالتازوطا. وهي تنتشر بجماعات أولاد حمدان وأولاد احسين والشعيبات وأولاد فرج وكذا بجماعتي سيدي عابد (دوّار الرواحلة) وأولاد عيسى وغيرها. يتعلق الأمر بمنشآت أسطوانية أو مخروطية الشكل مبنية بحجارة جافٌة مرصوصة بكل دقة ومهارة من دون استعمال أية مواد للربط فيما بينها كالرمل أو الإسمنت.

يعتقد أن هذه البنايات كانت تستخدم في الماضي كمستودعات لخزن الحبوب والتبن وكذا كأكواخ للسكن ولإيواء المواشي، حيث تتميز بالقدرة الفائقة على منع تسرب مياه الأمطار وعلى حفظ الحبوب من الضرر مما يمكن الفلاحين من استغلالها في غير مواسمها.

توجد التازوطا في صورة بسيطة على شكل غرفة مخروطية منفردة أو مرّكبة في شكل غرفتين الواحدة فوق الأخرى أو على شكل غرفتين توأم الواحدة مجانبة للأخرى، ويتوفر عدد منها على أدراج جانبية من الخارج تسمح بالصعود إلى الطابق العلوي… مداخلها الضيقة تؤدي إلى فناء مقبب داخلي بعد اجتياز رواق يبلغ طوله نحو المترين. وترتفع هذه المباني بحوالي 3 إلى 5 أمتار. وتوجد في أعلى هذه المنشآت نافذة للتهوية والإضاءة، والتي كانت تستغل ربما أيضا من أجل إدخال الحبوب من الأعلى. تتقوس جدرانها العريضة شيئا فشيئا نحو الداخل كلما ارتفعت لتلتقي فيما بينها في النهاية مشكلٌة بذلك قبٌة دائرية في الأعلى.

تضاربت الآراء حول تسمية ووظيفة التازوطا. فهناك من أرجعها إلى البدايات الأولى لاستقرار بعض الشعوب بالمنطقة، وأرجعها آخرون إلى بعض شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط حيث لوحظ تشابه كبير بين هذه المنشآت وقبور قدماء الإغريق المقبٌبة الشكل. وأعاد بعض الباحثين أصولها إلى الأمازيغ القدامى الذين كانوا يستوطنون المنطقة، سيما وأن كلمة تازوطا عند الأمازيغ تطلق على القصعة المقلوبة والتي تشبه بشكلها هندسة بناءات تازوطا. وربط آخرون بين التازوطا والكلمة الإسبانية تازيطا التي تطلق على الكوب أو الفنجان مما قد يوحي بتأثير إسباني. ونسبها البعض إلى البرتغاليين في العصور الوسطى أو الحديثة مستدلين على ذلك بوجود منشآت مماثلة في منطقة سيسيليا التي كان يقطنها البرتغاليون.


تتعدد إذن الآراء والفرضيات حول أصل بناءات التازوطا وتاريخ إنشائها والتي لم تجد بعد تفسيرا نهائيا يضع حدٌا لتضاربها. كما أن عدم إشارة أي من المستكشفين الأوربيين الذين جابوا أرجاء منطقة دكالة في بدايات القرن العشرين (مثل ميشو بلير ودوتي وغيرهما) إلى منشآت التازوطا قد دفع ببعض الباحثين إلى الاعتقاد بأن هذه البنايات قد أنشئت خلال فترة ما بعد 1920م، وهو اعتقاد يستبعده كثيرون غيرهم. ويذكرنا التاريخ من جهة أخرى بأن الساكنة االمحلية في فترة الحماية كانت ممنوعة من استغلال رمال الشاطئ في البناء، مما يكون قد اضطر أهالي المنطقة إلى بناء أكواخ للسكنى بالحجارة الجافة المنتشرة بكثرة فوق أراضيهم وهو ما أعطى منتوج التازوطا.

مازال قرويو منطقة دكالة إلى الوقت الراهن يستغلون بناءات التازوطا التي تتواجد فوق أراضيهم والتي ورثوها أبا عن جد، وذلك كفضاءات لخزن وحفظ الحبوب والتبن أو لإيواء مواشيهم، كما يستخدمونها كمحلاّت للسكنى سيما في أوقات الحرّ. وتشكل التازوطا مصدر فخر واعتزاز بالنسبة إليهم لأنها فريدة من نوعها ولا تتواجد في أية جهة أخرى من البلاد.

المادة العلمية: محافظة مدينتي الجديدة و أزمور -وزارة الثقافة – مديريةالجديدة.

الصور بعدسة : عبد العزيز المرجاني

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المواد محمية بموجب حقوق الطبع والنشر
إغلاق
إغلاق

موقعنا لا يعرض

موقعنا لا يعرض أي اشهارات مزعجة.
من فضلك ، المرجو إلغاء تفعيل حاجب الإعلانات Ad-Block